باروسميا

في الغالب أنك لأول مرة تسمع بهذه الكلمة في حياتك: “باروسميا” .. هذا المرض السيء أتاني بعد الإصابة بفايروس كورونا وهو الشيء الوحيد الذي عانيت منه بسبب كورونا اللعين ، ومن الممكن أن يأتي بعد الإصابة بأحد الإنفلونزات الحادة .. كنت أستحم وها قد حان وقت وضع الشامبو ذو الرائحة المحببة إلى قلبي ، وفجأة أتفاجئ ان رائحة الشامبو سيئة للغاية إلى درجة أنني شككت أن أحداً أتى وسرق الشامبو وجل الإستحمام الخاص بي وبدلهم بشيء آخر ، أو أنها أحد المقالب التي أكرهها ، رغم أن العبوة كانت نفسها! .. أمري لله ذهبت إلى رفيقي في الشقة فطلبت منه شَمِّي ، لقد كانت رائحتي سيئة جداً رغم أنني كنت للتو مستحم ، فيقول لي صديقي المصاب أيضا بكورونا: “لايوجد رائحة سيئة” لقد (سلكلي) لأن منظري كان يوحي بالنظافة ومن المستحيل أن تكون رائحتي سيئة .. ظننت أنني مجنون لوهلة ، لم أحتمل رائحتي أبدا فلقد كانت سيئة إلى درجة أنني كنت على وشك الإستفراغ منها .. فأخذت من صديقي شامبو ، لأنني ظننت أن المشكلة في الشامبو الذي أمتلكه .. وأتفاجأ عندما استحممت مرة أخرى أن الرائحة نفسها سيئة للغاية رغم أن الشامبو مختلف!! .. ذهبت للتحدث مع صديقي وقلت له أعتقد أنني أصبت بالجنون .. بعد نقاش طويل بدأنا أنا وصديقي نشم روائح العطور ، والأكل ، وأي شيء تنبثق منه رائحة فتفاجأنا أنها كلها رائحتها تشبه البلاستيك المحروق ، رائحة شنيعة جداً! ، فعلمنا أن هذه من أعراض كورونا اللعين ، والغريب أننا أُصبنا بهذه الحالة الغريبة المسماة بالبارسوميا في نفس الوقت .. لقد كانت عدوي رائحة السجائر التي كانت رائحة زكية بالنسبة لي ، الحقيقة أن جميع الروائح كانت أعدائي لأن كل الروائح كانت رائحتها شيء غريب مقزز!! .. السيء في الأمر ليس فقط الروائح ، بل الطعام كان يحمل نفس مذاق الرائحة الكريهة ، جميع الطعام حتى اللذيذ منه وماكان محبب إلى قلبي تحول طعمه إلى طعم بلاستيك محروق أو غاز فاسد! لن يفهم تلك الرائحة والطعم إلا من مر بحالتي .. وماكان يخفف علي وطأتي أنني لم أعاني من تلك الحالة وحدي فصديقي “رفيق الشقة” كان يعاني من نفس حالتي فكان هناك شخص يفهم ما أشعر به وأنا أفهم مايشعر به .. وعندها بدأت بإكتشاف الباروسميا وقرأت العديد من البحوثات عنها ، وأنضممت إلى مجموعات في عدد من مواقع التواصل الإجتماعي تضم أشخاص مصابين بها ، وعلمت أنني لست الوحيد بل هناك آلاف من يعانون مثلي .. أذكر أنني عندما آكل كنت أَسُدَّ أنفي لكي لا أتذوق طعم الطعام اللذيذ الذي أصبح مقزز ، و أَسُدَ أنفي وأنا أُدخن السجائر التي أقلعت عنها ولم أعد أُدانيها في وقتها .. ولكن بعد مرور تقريباً ٣ أسابيع منذ التعافي من كورونا وإصابتي بالباروسميا اللعينة بدأت أتحسن وأعود إلى حالتي الطبيعية .. الشاهد في الأمر أنني من شدة يأسي حينها عندما لم يفيدني طبيب أو إنترنت قررت أن أجرب إحدى وصفات خالتي التي عندما قرأت مقاديرها أعتقدت أنها وصفة لتحضير الأرواح .. لقد أستشعرت عظمة حاسة الشم والتذوق حقاً.

4 رأي حول “باروسميا

اترك رداً على .. إلغاء الرد