مُشَرَّد الذهن

عندما تفتقد الإيمان .. عندما تفتقد الشك .. عندما تفتقد اليقين .. نحن لا ندري ، لأننا ندري .. عندما تشعر أنك لا تريد أن تعرف المزيد .. عندما يكون التناقض هو عنوان كل شيء .. عندما تكون عين قلبك معصوبة ، وتحاول أن ترى من تلك الفتحة الضيقة ،، ولكنك لا تستطيع .. عندما تجد تبرير لنقطة قد أراقتك كثيراً ، ثم بعد ذلك تفنِّد تبريرك الذي هرمت حتى وصلت إليه .. عندما تصبح جميع الحِكم والنصائح والعبارات المحفزة بالية رثة مثل أي كلام مكرر آخر .. عندما تكون في المنطقة الرمادية ، ثم يجذبك السواد هناك .. عندما تريد أن تفعل شيء ، ولكنك في ذات الوقت لا تريد أن تفعل أي شيء .. تبدأ شيء جديد ثم تتوقف في منتصف الطريق ، تعود إلى شيء قديم كنت تبتهج بفعله ثم تمل وتتوقف عن فعله ما إن هممت بالعودة إليه .. عندما يتبدد الخوف من كل ماكنت تخاف منه في السابق ، وتتوالد مخاوف جديدة تنتظر أن تتعرف عليها جيداً .. عندما تتذكر مخاوفك السابقة تضحك ، وتقول: تُرى أين كان منطقي عندما كنت اخاف من تلك الأمور؟ والآن تنتظر الوقت الذي ستكون فيه مخاوفك الحديثة شيء مثير للسخرية كما غدَا الحال مع مخاوفك القديمة .. عندما لا تقتنع ، ولكن تجبر نفسك على الإقتناع ظنناً منك أنك بهذه الطريقة ستمحي الشكوك .. عندما تعلم أن الشك صديقك ، والحزن رفيقك ، والفرح بريقك ، والتأمل عتيقك ، وفي الناس ضيقك .. حينما لم أكن مؤمناً ، كنت مؤمناً أكثر من المؤمنين أنفسهم ، وحينها علمت أن المعظم غير مؤمنين حتى لو أدعوا ذلك .. علمت أن عملة النجاح والإرتقاء في معظم الأحوال في مجتمعاتنا: الرياء ، والنميمة ، والنفاق ، ومدح من هم في السلطة دائماً والثناء عليهم حتى وإن كانوا على ضلال ، وأن تكون مثل الحرباء متلوِّن على حسب مصلحتك .. عندما تذهب إلى عالم الأحلام ، عالم الموتة الصغرى ، فتلاحقك هناك هَواجس الواقع التي أردت أن تهرب منها .. عندما تشعر بالغثيان والإشمئزاز أمام جميع تصرفات البشر .. عندما تبحث عن شعور جميل ، وسط مشاعرك السلبية التي تسيطر على ذهنك ، ولا تجد ذلك الشعور الجميل؛ هنا يتجسد الميكانيزم الذي من خلاله تعمل الدنيا وهو أن: الشر أقوى من الخير ، والسلبية أقوى من الإيجابية ، والدليل هو أن إستوعاب أدمغتنا للألم والحزن أقوى من إستوعابها للفرح والبهجة ،، ياللأسف .. عندما يكون ذهنك مثل جسد درويش صوفي يدور حول نفسه إعتقاداً منه أنه يجسد دوران الأرض حول الشمس .. عندما تكون مشَرَّد الذهن.

أضف تعليق